تمرّ السلطة الفلسطينية بأزمة غير مسبوقة على الصعيد المالي الاقتصادي وذلك بعد إعلان البنك الدولي أن الفجوة تكبر بين الإيرادات والمبالغ اللازمة لتمويل النفقات العامة مع تدهور الوضع المادي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما جعل السلطة تشارف على الانهيار، في وسط تحذير من انفجار الأوضاع في المنطقة ما لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتفاقم الآثار السلبية على الاقتصاد الفلسطيني في جوانب عديدة، أبرزها: تعطل أكثر من 200 ألف عامل كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ما أدى لارتفاع نسبة البطالة في الضفة الغربية إلى 32% تزامنًا مع استمرار المصادرة الإسرائيلية لأموال المقاصة، ما انعكس على عدم انتظام الرواتب لدى الموظفين في القطاع العمومي. ذلك كلّه أدى لانخفاض القدرة الشرائية في السوق الفلسطيني.
تعتبر أزمة أموال المقاصة أبرز ضائقة مالية للسلطة الفلسطينية، حيث تشكّل 65 بالمائة من إجمالي الإيراد الاقتصادي، وهي عائدات الضرائب التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، وفق اتفاقية دولية، والتي يلوّح وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموترتيش بمصادرتها بالكامل بعد أن كان يقتطع منها حصّة غزة شهريًا البالغة 75 مليون دولار.
يقول وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الاتصالات مع الدول العربية لا سيما التي لها علاقة مع إسرائيل، مستمرة من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن أموال المقاصة، بالإضافة إلى التواصل مع المجتمع الدولي من أجل الضغط لأن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المالية المتمثلة في أموال المقاصة".
ونشر مجلس الوزراء الفلسطيني مؤخراً، بيانًا مقتضبًا، جاء فيه: "لا يوجد حتى اللحظة أي دعم عربي أو أجنبي مؤكد". ويوضح وزير الاقتصاد: "يمكن القول إننا نحقق اختراقات يومية في قضية حلحلة الأزمة الاقتصادية، وجلب الدعم المالي للحكومة، خصوصًا بعد آخر اجتماع حضره رئيس الوزراء محمد مصطفى مع مجموعة الدول الصناعية السبع G7 في بلجيكا، وكانت هناك بوادر إيجابية بهذا السياق، ما من شأنه أن يخفف حدّة الأزمة وتأثيرها على الشعب، بالإضافة إلى الأثر الإيجابي للاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطيني، ما يجعلنا في حالة تفاؤل رغم الهزّة الاقتصادية، لأننا سنسمع أخبارا إيجابية حيال قضية الدعم".
ويلفت العامور إلى أن عدد العمّال الذين خرجوا من حلقات العمل في الضفة الغربية بفعل استمرار الحرب، يبلغ نحو نصف مليون عامل، منهم 200 ألف تقريبًا كانوا يعملون في أراضي الداخل، ونحو 300 ألف من مختلف قطاعات الاقتصاد الفلسطيني، ما أدى إلى ضغط غير مسبوق وغير طبيعي في العجلة الاقتصادية، انعكس في جانب آخر على القدرة الشرائية داخل السوق الفلسطيني.
وعن سؤال "العربي الجديد" عما تقدمه الحكومة لفئة العمال. ردّ وزير الاقتصاد بالقول: "نسعى لإعادة هذه الفئة العمالية إلى الفعالية المطلوبة عبر إيجاد برامج خاصة لتشغيل الطبقات العمّالية في المشاريع المستدامة والصغيرة التي تدرّ دخلًا ثابتًا ماديًا لعوائلها، ولا سيما في المشاريع الزراعية والحرف الصناعية، كما أننا نوجّه المانحين إلى هذه القطاعات للتخفيف عنهم وعن الضغط القائم على القطاع الخاص".
ومن أشكال تفاقم الأزمة الاقتصادية في الضفة، تعطّل الحركة التجارية بين السوقين الفلسطيني والتركي بعد أن أعلنت الأخيرة منذ 3 أيار/مايو الحالي، وقف جميع الصادرات والواردات مع إسرائيل، إثر تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث إن حجم التبادل التجاري بين فلسطين وتركيا والذي يمر من الموانئ الإسرائيلية، بلغ نحو 700 مليون دولار في العام 2023. وكشف العامور عن اتصالات مع وزارة التجارة التركية ويقول: "وصلنا خلالها لمرحلة شبه نهائية، ونحن بصدد الإعلان عن ترتيبات يتم فيها استثناء الصادرات التركية إلى فلسطين من القرار، وسط مخاوف من أي قيود إسرائيلية، لأن الإجراءات التي يصدرها سموتريتش تتعارض مع قوانين التجارة العالمية، والأعراف الدولية". وعن قضية رواتب الموظفين العموميين، يوضح العامور أنه حتى اللحظة لا شيء واضحاً في هذا الملف، رغم استمرار الجهود الحكومية والتي يبذلها الرئيس الفلسطيني لدفع أكبر قدرٍ ممكن من الرواتب.
بدوره، يقول الباحث في مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إياد الرياحي، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاقتصاد الفلسطيني رهين لدى إسرائيل التي تحكمنا علاقة معها قائمة على ثلاثة ملفات أساسية، أولها الجانب السياسي المتمثل بالمفاوضات والمتوقفة منذ سنوات طويلة، بالإضافة للملف الاقتصادي الذي دمّره الاحتلال، وزاد تدميره بعد الحرب على غزة، والجانب الثالث المتمثل بالتنسيق الأمني الذي تستطيع السلطة الضغط من خلاله للإفراج عن أموال المقاصة ومواجهة الابتزاز الإسرائيلي ولكنها لا تستخدمه".
وتساءل الرياحي: "هل مطلوب من السلطة أن تكون دائمًا على حافة الانهيار الاقتصادي!"، مضيفًا: "لا يوجد مصلحة دولية أو إسرائيلية بانهيار السلطة رغم وجود عوامل انهيارها، لكن في ذات الوقت لا يوجد ضغوط فلسطينية جادّة لوقف الابتزاز وتسليم أموال المقاصة من أجل القدرة على دفع رواتب كاملة أو شبه كاملة للموظفين في القطاع العام".
وكانت السلطة الفلسطينية قد طالبت مرّات عديدة بتفعيل شبكة الأمان العربية، وكان هناك مقترح أطلق في التاسع والعشرين من مارس/آذار 2012، وحتى اليوم لم تلتزم الدول العربية بدفع 100 مليون دولار شهريًا للسلطة الفلسطينية كما نصّ المقترح، لا سيما وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب العرب مرارًا بأن يفعّلوا الشبكة إلا أنهم لم يلتزموا، ولن يلتزموا دون ضغوط أو توجيهات أميركية، ما يجعل المطالبة أمرًا غير فعّال، كما يرى الرياحي.
ويلفت الرياحي إلى أن المطلوب من الحكومة الفلسطينية تعزيز الإنتاج المحلي الذي يزيد فرص العمل ويقلل الاستيراد الذي من شأنه أن يخفض الضرائب التي تسيطر عليها إسرائيل، وزيادة الجباية الداخلية، بالإضافة إلى إنشاء شبكة حماية للمواطنين الذين انتقلوا من مرحلة الاستقرار إلى مرحلة المديونية، وبالتالي تأسيس حالة اقتصاد تضامني وفق خطة تقشف، لأن ما دون ذلك، يعني ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والدخول في مستقبل قاتم.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتفاقم الآثار السلبية على الاقتصاد الفلسطيني في جوانب عديدة، أبرزها: تعطل أكثر من 200 ألف عامل كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ما أدى لارتفاع نسبة البطالة في الضفة الغربية إلى 32% تزامنًا مع استمرار المصادرة الإسرائيلية لأموال المقاصة، ما انعكس على عدم انتظام الرواتب لدى الموظفين في القطاع العمومي. ذلك كلّه أدى لانخفاض القدرة الشرائية في السوق الفلسطيني.
الاقتصاد الفلسطيني: لا دعم عربياً أو دولياً
تعتبر أزمة أموال المقاصة أبرز ضائقة مالية للسلطة الفلسطينية، حيث تشكّل 65 بالمائة من إجمالي الإيراد الاقتصادي، وهي عائدات الضرائب التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، وفق اتفاقية دولية، والتي يلوّح وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموترتيش بمصادرتها بالكامل بعد أن كان يقتطع منها حصّة غزة شهريًا البالغة 75 مليون دولار.
يقول وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الاتصالات مع الدول العربية لا سيما التي لها علاقة مع إسرائيل، مستمرة من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن أموال المقاصة، بالإضافة إلى التواصل مع المجتمع الدولي من أجل الضغط لأن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المالية المتمثلة في أموال المقاصة".
ونشر مجلس الوزراء الفلسطيني مؤخراً، بيانًا مقتضبًا، جاء فيه: "لا يوجد حتى اللحظة أي دعم عربي أو أجنبي مؤكد". ويوضح وزير الاقتصاد: "يمكن القول إننا نحقق اختراقات يومية في قضية حلحلة الأزمة الاقتصادية، وجلب الدعم المالي للحكومة، خصوصًا بعد آخر اجتماع حضره رئيس الوزراء محمد مصطفى مع مجموعة الدول الصناعية السبع G7 في بلجيكا، وكانت هناك بوادر إيجابية بهذا السياق، ما من شأنه أن يخفف حدّة الأزمة وتأثيرها على الشعب، بالإضافة إلى الأثر الإيجابي للاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطيني، ما يجعلنا في حالة تفاؤل رغم الهزّة الاقتصادية، لأننا سنسمع أخبارا إيجابية حيال قضية الدعم".
الاقتصاد الفلسطيني وتضرر العمال
ويلفت العامور إلى أن عدد العمّال الذين خرجوا من حلقات العمل في الضفة الغربية بفعل استمرار الحرب، يبلغ نحو نصف مليون عامل، منهم 200 ألف تقريبًا كانوا يعملون في أراضي الداخل، ونحو 300 ألف من مختلف قطاعات الاقتصاد الفلسطيني، ما أدى إلى ضغط غير مسبوق وغير طبيعي في العجلة الاقتصادية، انعكس في جانب آخر على القدرة الشرائية داخل السوق الفلسطيني.
وعن سؤال "العربي الجديد" عما تقدمه الحكومة لفئة العمال. ردّ وزير الاقتصاد بالقول: "نسعى لإعادة هذه الفئة العمالية إلى الفعالية المطلوبة عبر إيجاد برامج خاصة لتشغيل الطبقات العمّالية في المشاريع المستدامة والصغيرة التي تدرّ دخلًا ثابتًا ماديًا لعوائلها، ولا سيما في المشاريع الزراعية والحرف الصناعية، كما أننا نوجّه المانحين إلى هذه القطاعات للتخفيف عنهم وعن الضغط القائم على القطاع الخاص".
ومن أشكال تفاقم الأزمة الاقتصادية في الضفة، تعطّل الحركة التجارية بين السوقين الفلسطيني والتركي بعد أن أعلنت الأخيرة منذ 3 أيار/مايو الحالي، وقف جميع الصادرات والواردات مع إسرائيل، إثر تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث إن حجم التبادل التجاري بين فلسطين وتركيا والذي يمر من الموانئ الإسرائيلية، بلغ نحو 700 مليون دولار في العام 2023. وكشف العامور عن اتصالات مع وزارة التجارة التركية ويقول: "وصلنا خلالها لمرحلة شبه نهائية، ونحن بصدد الإعلان عن ترتيبات يتم فيها استثناء الصادرات التركية إلى فلسطين من القرار، وسط مخاوف من أي قيود إسرائيلية، لأن الإجراءات التي يصدرها سموتريتش تتعارض مع قوانين التجارة العالمية، والأعراف الدولية". وعن قضية رواتب الموظفين العموميين، يوضح العامور أنه حتى اللحظة لا شيء واضحاً في هذا الملف، رغم استمرار الجهود الحكومية والتي يبذلها الرئيس الفلسطيني لدفع أكبر قدرٍ ممكن من الرواتب.
الاقتصاد الفلسطيني وضغوط الاحتلال
بدوره، يقول الباحث في مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إياد الرياحي، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاقتصاد الفلسطيني رهين لدى إسرائيل التي تحكمنا علاقة معها قائمة على ثلاثة ملفات أساسية، أولها الجانب السياسي المتمثل بالمفاوضات والمتوقفة منذ سنوات طويلة، بالإضافة للملف الاقتصادي الذي دمّره الاحتلال، وزاد تدميره بعد الحرب على غزة، والجانب الثالث المتمثل بالتنسيق الأمني الذي تستطيع السلطة الضغط من خلاله للإفراج عن أموال المقاصة ومواجهة الابتزاز الإسرائيلي ولكنها لا تستخدمه".
وتساءل الرياحي: "هل مطلوب من السلطة أن تكون دائمًا على حافة الانهيار الاقتصادي!"، مضيفًا: "لا يوجد مصلحة دولية أو إسرائيلية بانهيار السلطة رغم وجود عوامل انهيارها، لكن في ذات الوقت لا يوجد ضغوط فلسطينية جادّة لوقف الابتزاز وتسليم أموال المقاصة من أجل القدرة على دفع رواتب كاملة أو شبه كاملة للموظفين في القطاع العام".
وكانت السلطة الفلسطينية قد طالبت مرّات عديدة بتفعيل شبكة الأمان العربية، وكان هناك مقترح أطلق في التاسع والعشرين من مارس/آذار 2012، وحتى اليوم لم تلتزم الدول العربية بدفع 100 مليون دولار شهريًا للسلطة الفلسطينية كما نصّ المقترح، لا سيما وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب العرب مرارًا بأن يفعّلوا الشبكة إلا أنهم لم يلتزموا، ولن يلتزموا دون ضغوط أو توجيهات أميركية، ما يجعل المطالبة أمرًا غير فعّال، كما يرى الرياحي.
ويلفت الرياحي إلى أن المطلوب من الحكومة الفلسطينية تعزيز الإنتاج المحلي الذي يزيد فرص العمل ويقلل الاستيراد الذي من شأنه أن يخفض الضرائب التي تسيطر عليها إسرائيل، وزيادة الجباية الداخلية، بالإضافة إلى إنشاء شبكة حماية للمواطنين الذين انتقلوا من مرحلة الاستقرار إلى مرحلة المديونية، وبالتالي تأسيس حالة اقتصاد تضامني وفق خطة تقشف، لأن ما دون ذلك، يعني ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والدخول في مستقبل قاتم.