ترشّح كبير المفاوضين الإيرانيين السابق سعيد جليلي للانتخابات الرئاسية المبكرة اليوم الخميس، ليكون أول محافظ يترشح في اليوم الأول من فتح أبواب الترشح. ويُعَدّ جليلي المعروف بمواقفه المتشددة في السياسة الخارجية، ولا سيما تجاه الغرب والتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية والعلاقة معها، أحد أبرز المرشحين المحافظين في الانتخابات الإيرانية المرتقبة.
وفي أول تصريح له بعد تقديمه طلب الترشّح، قال جليلي لوسائل إعلام محلية، إن بلاده أمام "فرصة تاريخية"، مشيداً بالرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وأضاف أن الشعب الإيراني "مستعد للعب أدوار أكبر في ازدهار البلاد". وأكد أن إيران بحاجة إلى "قرارات صحيحة لبلوغ قمة التقدم"، استمراراً لـ"نجاحات" حققها الرئيس الراحل الذي توفي في 19 الشهر الجاري جراء سقوط مروحيته شمال غربيّ البلاد.
ويحسب السياسي الإيراني سعيد جليلي على جبهة الصمود (بايداري) المحافظة، وهو حالياً عضو في عدة مؤسسات سيادية إيرانية، منها مجمع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وممثل المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي.
سعيد جليلي من مواليد 1965 في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، التي انحدر منها الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وهو خريج اللغة الفرنسية، وكان معلماً بالأساسية، قبل إكمال دراسته والحصول على شهادة الدكتوراه في فرع المعارف الإسلامية والعلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران، وهي جامعة حكومية خاصة لتخريج كوادر النظام، وكان معظم أعضاء الحكومة الإيرانية الـ13 من خريجيها.
وشارك جليلي في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، وفقد فيها ساقه اليمنى في الـ21 من عمره، وأصبح يلقبه أنصاره بـ"الشهيد الحي". والتحق جليلي عام 1989 بالخارجية الإيرانية، وسرعان ما تقلد المناصب العليا فيها، ليتولى في الـ26 من عمره رئاسة دائرة التفتيش بالوزارة، وبقي في المنصب حتى عام 1996 وفي عام 1997، في عهد حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أصبح نائب رئيس الدائرة الأولى لأميركا.
ولاحقا في عام 2001، انتقل إلى مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وتولى إدارة التحقيقات الجارية في مؤسسة القيادة. وفي حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، عاد سعيد جليلي إلى الخارجية الإيرانية وأصبح عام 2005 نائب الوزير لشؤون أوروبا وأميركا في الخارجية، ثم بعد استقالة علي لاريجاني، عيّنه أحمدي نجاد بعد موافقة المرشد، عام 2007، أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وظل في المنصب خمسة أعوام، فضلاً عن أنه بعد تعيينه أميناً للمجلس بعام، عينه المرشد الإيراني أيضاً أحد ممثليه الاثنين في مجلس الأمن القومي.
وخلال فترة توليه أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قاد سعيد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيدا، حيث صدرت ضد إيران 3 قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلا عقوبات أميركية وأوروبية وأممية، ثم عُزل جليلي من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فور فوز الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بالرئاسة عام 2013، وحل مكانه الأدميرال علي شمخاني، لكن جليلي ظل أحدَ الممثلين الاثنين للمرشد الإيراني في المجلس.
وفي 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 أيضا أصبح عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية. وسبق أن ترشح سعيد جليلي مرتين للانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2013 و2021، في المرة الأولى حصل على أكثر من 4 ملايين صوت وحل ثالثا بين المرشحين، لكن في ترشحه الثاني انسحب من السباق الرئاسي قبل يومين من إجراء الانتخابات لصالح أبرز المرشحين المحافظين إبراهيم رئيسي.
ترشح سعيد جليلي للانتخابات الرئاسية، فيما تشير تقارير إلى أن جبهة الصمود تميل أكثر إلى دعم ترشيح وزير الطاقة الأسبق برويز فتاح. كما أن جليلي لطالما تعرض لهجوم شديد من الإصلاحيين وإعلامهم. ويستبعد الخبير الإيراني هادي برهاني في حديثه مع "العربي الجديد" أن يحظى جليلي بدعم جاد من نخب التيار المحافظ، متوقعا أن يحظى بدعم من وصفهم بأنهم متشددين من قاعدة هذا التيار و"منتفعين اقتصاديا" من عزلة إيران في المنطقة والعالم.
وفيما يروج أنصار جليلي وداعميه إلى أنه المرشح الأنسب للرئاسة الإيرانية وأنه سيواصل منهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، ويصفونه بـ"الشهيد الحي"، فإن الخبير برهاني له وجهة نظر مختلفة، إذ يقول إن رئاسة جليلي من شأنها أن تشكل خطرا على مكاسب وانفراجات حققتها سياسة الجوار للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، مشيراً إلى مرشحين محتملين آخرين، أمثال رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ووزير الخارجية الأسبق علي أكبر صالحي، باعتبارهم "أفضل خيارات لاستمرار سياسة الجوار وتعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية".
كما يتوقع برهاني أيضا أن تتأزم العلاقات الإيرانية مع الغرب أكثر في حال فاز جليلي بمنصب الرئاسة، بسبب "نظرته السلبية" تجاه الغرب وما اعتبره الخبير الإيراني أنه طغيان الأيدولوجية في رؤية جليلي السياسية على حساب الواقعية، غير أن برهاني يؤكد في الوقت نفسه أن رئيس الجمهورية في إيران له صلاحيات وسلطة محددة، ومجموعة مؤسسات الحكم هي التي تحدد الخطوط العريضة والرئيسية للسياسات الإيرانية "لكن مع ذلك، لا ينبغي تجاهل دور رئيس الجمهورية". ويستبعد الخبير الإيراني، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن يكون جليلي المرشح المفضل للجمهورية الإسلامية في إيران في هذا التوقيت، الذي قال إنها تواجه فيه تحديات اقتصادية ودولية وداخلية، مستخلصا أنه على قناعة بأن الدولة الإيرانية ربما تفكر حاليا برئيس أكثر واقعية من الرئيس الراحل.
وفي أول تصريح له بعد تقديمه طلب الترشّح، قال جليلي لوسائل إعلام محلية، إن بلاده أمام "فرصة تاريخية"، مشيداً بالرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وأضاف أن الشعب الإيراني "مستعد للعب أدوار أكبر في ازدهار البلاد". وأكد أن إيران بحاجة إلى "قرارات صحيحة لبلوغ قمة التقدم"، استمراراً لـ"نجاحات" حققها الرئيس الراحل الذي توفي في 19 الشهر الجاري جراء سقوط مروحيته شمال غربيّ البلاد.
ويحسب السياسي الإيراني سعيد جليلي على جبهة الصمود (بايداري) المحافظة، وهو حالياً عضو في عدة مؤسسات سيادية إيرانية، منها مجمع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وممثل المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي.
سعيد جليلي من الولادة إلى الترشح للرئاسة
سعيد جليلي من مواليد 1965 في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، التي انحدر منها الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وهو خريج اللغة الفرنسية، وكان معلماً بالأساسية، قبل إكمال دراسته والحصول على شهادة الدكتوراه في فرع المعارف الإسلامية والعلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران، وهي جامعة حكومية خاصة لتخريج كوادر النظام، وكان معظم أعضاء الحكومة الإيرانية الـ13 من خريجيها.
وشارك جليلي في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، وفقد فيها ساقه اليمنى في الـ21 من عمره، وأصبح يلقبه أنصاره بـ"الشهيد الحي". والتحق جليلي عام 1989 بالخارجية الإيرانية، وسرعان ما تقلد المناصب العليا فيها، ليتولى في الـ26 من عمره رئاسة دائرة التفتيش بالوزارة، وبقي في المنصب حتى عام 1996 وفي عام 1997، في عهد حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أصبح نائب رئيس الدائرة الأولى لأميركا.
ولاحقا في عام 2001، انتقل إلى مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وتولى إدارة التحقيقات الجارية في مؤسسة القيادة. وفي حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، عاد سعيد جليلي إلى الخارجية الإيرانية وأصبح عام 2005 نائب الوزير لشؤون أوروبا وأميركا في الخارجية، ثم بعد استقالة علي لاريجاني، عيّنه أحمدي نجاد بعد موافقة المرشد، عام 2007، أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وظل في المنصب خمسة أعوام، فضلاً عن أنه بعد تعيينه أميناً للمجلس بعام، عينه المرشد الإيراني أيضاً أحد ممثليه الاثنين في مجلس الأمن القومي.
وخلال فترة توليه أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قاد سعيد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيدا، حيث صدرت ضد إيران 3 قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلا عقوبات أميركية وأوروبية وأممية، ثم عُزل جليلي من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فور فوز الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بالرئاسة عام 2013، وحل مكانه الأدميرال علي شمخاني، لكن جليلي ظل أحدَ الممثلين الاثنين للمرشد الإيراني في المجلس.
وفي 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 أيضا أصبح عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية. وسبق أن ترشح سعيد جليلي مرتين للانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2013 و2021، في المرة الأولى حصل على أكثر من 4 ملايين صوت وحل ثالثا بين المرشحين، لكن في ترشحه الثاني انسحب من السباق الرئاسي قبل يومين من إجراء الانتخابات لصالح أبرز المرشحين المحافظين إبراهيم رئيسي.
ترشح غير متفق عليه
ترشح سعيد جليلي للانتخابات الرئاسية، فيما تشير تقارير إلى أن جبهة الصمود تميل أكثر إلى دعم ترشيح وزير الطاقة الأسبق برويز فتاح. كما أن جليلي لطالما تعرض لهجوم شديد من الإصلاحيين وإعلامهم. ويستبعد الخبير الإيراني هادي برهاني في حديثه مع "العربي الجديد" أن يحظى جليلي بدعم جاد من نخب التيار المحافظ، متوقعا أن يحظى بدعم من وصفهم بأنهم متشددين من قاعدة هذا التيار و"منتفعين اقتصاديا" من عزلة إيران في المنطقة والعالم.
وفيما يروج أنصار جليلي وداعميه إلى أنه المرشح الأنسب للرئاسة الإيرانية وأنه سيواصل منهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، ويصفونه بـ"الشهيد الحي"، فإن الخبير برهاني له وجهة نظر مختلفة، إذ يقول إن رئاسة جليلي من شأنها أن تشكل خطرا على مكاسب وانفراجات حققتها سياسة الجوار للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، مشيراً إلى مرشحين محتملين آخرين، أمثال رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ووزير الخارجية الأسبق علي أكبر صالحي، باعتبارهم "أفضل خيارات لاستمرار سياسة الجوار وتعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية".
كما يتوقع برهاني أيضا أن تتأزم العلاقات الإيرانية مع الغرب أكثر في حال فاز جليلي بمنصب الرئاسة، بسبب "نظرته السلبية" تجاه الغرب وما اعتبره الخبير الإيراني أنه طغيان الأيدولوجية في رؤية جليلي السياسية على حساب الواقعية، غير أن برهاني يؤكد في الوقت نفسه أن رئيس الجمهورية في إيران له صلاحيات وسلطة محددة، ومجموعة مؤسسات الحكم هي التي تحدد الخطوط العريضة والرئيسية للسياسات الإيرانية "لكن مع ذلك، لا ينبغي تجاهل دور رئيس الجمهورية". ويستبعد الخبير الإيراني، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن يكون جليلي المرشح المفضل للجمهورية الإسلامية في إيران في هذا التوقيت، الذي قال إنها تواجه فيه تحديات اقتصادية ودولية وداخلية، مستخلصا أنه على قناعة بأن الدولة الإيرانية ربما تفكر حاليا برئيس أكثر واقعية من الرئيس الراحل.