استعمَروا الأرضَ. استعمروا السماء والهواء، استعمروا الماء، حاصروا البحار والأنهار بالبوارج والغواصات. استعمروا الصحراء. طوّقوا الرمل المتحرّك وحاصروا السراب المائع الذي ضيّع قوافل النجدة.
أيضًا، استعمروا الليل وأسروا النهارَ بالشراك. باغتوا السحاب بالطلعات الجويّة. استولوا على القمر والمريخ وعطارد. ثبَّتوا الصواريخ على ظهرِ الأقمار الصناعية كسلاحف النينجا وأرسلوها إلى ما وراء الفيزياء.
استعمروا الكواكب الصامتة البعيدة والكواكب الجميلة ذات الحلقات والأقراط والكواكب المغنِّية. استعمروا المجرّة بثقوبها السوداء وثقوبها البيضاء. غنِموا النجوم العملاقة المنفجرة. حاصروا المجرّات المجاورة والمجرّات السحيقة بالتيليسكوبات. استولوا على السديم الكوني واقتسموه بينهم كخبزِ المقابر. رموه شباكًا فوق القارات. داهموا الثلث الخالي بغتةً. جروّا مثلث برمودا إلى المعتقلات الرهيبة. عذَّبوا الرعد حتى اعترف. اغتصبوا الغابات الغدراء والأدغال الثكلى. شيّدوا الثكنات المصفحة بأبراجٍ عالية وسط الزهور. تبعوا الحشرات داخل جحورها بكاميرات تجسّس صغيرة. استعملوا المذنبات والأجرام التائهة كأهدافٍ متحرّكة في تدريبٍ عسكري... يصيبونها في قلبها قبل أن تلامسَ الأرض حتى.
كلُّ أنواع الطيور وقعت في الشباك. كلّ أنواع الأسماك انتهت بها السباحة إلى مقلاة. قطعوا ذيل الثعلب وتودّدوا به إلى حبيباتهم. وضعوا الأسد في قفصٍ في حديقةٍ، وضحكوا عليه مع أطفالهم الكسالى صبيحة الأحد حين زأر بصوتٍ مبحوح. استعمروا الميكروبات وجنَّدوها. استعمروا كلّ الجغرافيا، وكلّ التاريخ، وكلّ الزمن، وكلّ الحياة وكلّ الموت.
استعمروا البلدان محدّدين مكانها، ولغاتها، وعاداتها، وتقاليدها على الخريطة بمجسمٍ عسكريٍ توضيحي، داخل قاعاتٍ طويلةٍ تحت الأرض. زحفوا في كلّ الاتجاهات. طاروا مع الريح وعكسها. استولوا على الثغور والمدن والقرى والمداشر والطرق والموانئ والقناطر والمراعي والشواطئ التي يرمي فيها المطلِقُ صنارته وينتظر بصبرِ صيّادٍ عجوز.
وصلوا إلى أحيائنا الشعبية الصغيرة أينما كانت. استعمروا بيوتنا. استعمروا غرف الطعام وغرف النوم. باغتوا المطبخ بالقنابل وحاصروا المرآب بالمجنزرات. حلّقوا فوق القرميد بالمروحيات. استعمروا أجسادنا واستولوا على أعضائها. استعمروا أرواحنا وأحلامنا وذكرياتنا. طوّقوا أفكارنا، فكرةً فكرةً، وزرعوا داخلها أسلاكًا شائكة ومتفجرات. بنوا سجونهم ومحاكمهم ومعابدهم داخل نبضاتِ قلوبنا. أقاموا الممالك الحديدية فوق أنفاسنا. يستريحون كلّ يومٍ فوق حافاتِ قبورنا وفي أيديهم قصائد الحب. يتبعوننا حتى حين نموت، وفي أيديهم السياط والأفاعي والسلاسل ومخاطيف التعذيب وإشعارات الضرائب..
لن نستطيع الإفلات منهم ولا إلى أيًّ مكان، في الحياةِ ولا في الموت.. ورغم ذلك ما زلنا نرقص في أعراسِ القرى النائية، حفاةً فوق حصاد أيامنا. وما زلنا نحبُّ ونكتبُ قصائد تتغزّل في جمال بروق الصواعق، ما زلنا نحلم بالربيع، ما زلنا نقاومُ قرقعةَ الحديد ووشاية النسيم العليل..
نعم ما زلنا.
أيضًا، استعمروا الليل وأسروا النهارَ بالشراك. باغتوا السحاب بالطلعات الجويّة. استولوا على القمر والمريخ وعطارد. ثبَّتوا الصواريخ على ظهرِ الأقمار الصناعية كسلاحف النينجا وأرسلوها إلى ما وراء الفيزياء.
استعمروا الكواكب الصامتة البعيدة والكواكب الجميلة ذات الحلقات والأقراط والكواكب المغنِّية. استعمروا المجرّة بثقوبها السوداء وثقوبها البيضاء. غنِموا النجوم العملاقة المنفجرة. حاصروا المجرّات المجاورة والمجرّات السحيقة بالتيليسكوبات. استولوا على السديم الكوني واقتسموه بينهم كخبزِ المقابر. رموه شباكًا فوق القارات. داهموا الثلث الخالي بغتةً. جروّا مثلث برمودا إلى المعتقلات الرهيبة. عذَّبوا الرعد حتى اعترف. اغتصبوا الغابات الغدراء والأدغال الثكلى. شيّدوا الثكنات المصفحة بأبراجٍ عالية وسط الزهور. تبعوا الحشرات داخل جحورها بكاميرات تجسّس صغيرة. استعملوا المذنبات والأجرام التائهة كأهدافٍ متحرّكة في تدريبٍ عسكري... يصيبونها في قلبها قبل أن تلامسَ الأرض حتى.
كلُّ أنواع الطيور وقعت في الشباك. كلّ أنواع الأسماك انتهت بها السباحة إلى مقلاة. قطعوا ذيل الثعلب وتودّدوا به إلى حبيباتهم. وضعوا الأسد في قفصٍ في حديقةٍ، وضحكوا عليه مع أطفالهم الكسالى صبيحة الأحد حين زأر بصوتٍ مبحوح. استعمروا الميكروبات وجنَّدوها. استعمروا كلّ الجغرافيا، وكلّ التاريخ، وكلّ الزمن، وكلّ الحياة وكلّ الموت.
استعمروا كلّ الجغرافيا، وكلّ التاريخ، وكلّ الزمن، وكلّ الحياة وكلّ الموت
استعمروا البلدان محدّدين مكانها، ولغاتها، وعاداتها، وتقاليدها على الخريطة بمجسمٍ عسكريٍ توضيحي، داخل قاعاتٍ طويلةٍ تحت الأرض. زحفوا في كلّ الاتجاهات. طاروا مع الريح وعكسها. استولوا على الثغور والمدن والقرى والمداشر والطرق والموانئ والقناطر والمراعي والشواطئ التي يرمي فيها المطلِقُ صنارته وينتظر بصبرِ صيّادٍ عجوز.
وصلوا إلى أحيائنا الشعبية الصغيرة أينما كانت. استعمروا بيوتنا. استعمروا غرف الطعام وغرف النوم. باغتوا المطبخ بالقنابل وحاصروا المرآب بالمجنزرات. حلّقوا فوق القرميد بالمروحيات. استعمروا أجسادنا واستولوا على أعضائها. استعمروا أرواحنا وأحلامنا وذكرياتنا. طوّقوا أفكارنا، فكرةً فكرةً، وزرعوا داخلها أسلاكًا شائكة ومتفجرات. بنوا سجونهم ومحاكمهم ومعابدهم داخل نبضاتِ قلوبنا. أقاموا الممالك الحديدية فوق أنفاسنا. يستريحون كلّ يومٍ فوق حافاتِ قبورنا وفي أيديهم قصائد الحب. يتبعوننا حتى حين نموت، وفي أيديهم السياط والأفاعي والسلاسل ومخاطيف التعذيب وإشعارات الضرائب..
لن نستطيع الإفلات منهم ولا إلى أيًّ مكان، في الحياةِ ولا في الموت.. ورغم ذلك ما زلنا نرقص في أعراسِ القرى النائية، حفاةً فوق حصاد أيامنا. وما زلنا نحبُّ ونكتبُ قصائد تتغزّل في جمال بروق الصواعق، ما زلنا نحلم بالربيع، ما زلنا نقاومُ قرقعةَ الحديد ووشاية النسيم العليل..
نعم ما زلنا.