سخط شعبي على قرار رفع أسعار الخبز في مصر

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع helper
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
طباعة الموضوع
  • بادئ الموضوع
  • المشرف
على مدار 48 ساعة من إعلان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، رفع أسعار الخبز في مصر المدعوم من خمسة قروش إلى عشرين قرشًا، ارتفعت موجة سخط عارمة في الأوساط المجتمعية والسياسية على رفع أسعار الخبز في الأسواق، عبّرت عنها منظمات وأحزاب في بيانات شديدة اللهجة، ترفض المساس بحق المواطن في حصته من الخبز المدعوم في بلد يعاني من ديون متراكمة ونسب فقر متزايدة، وأعباء اقتصادية مركبة.

وشعبيًا، أثار قرار الحكومة، برفع سعر رغيف العيش (الخبز) المدعوم بزيادة نسبتها 300% صدمة واعتراض قطاع من المصريين الذين يعتمدون عليه جزءاً أساسياً من غذائهم اليومي، وهو القرار الذي يأتي متزامنًا مع خطط لرفع أسعار سلع أساسية أخرى، كالدواء والكهرباء والوقود والخدمات الصحية. ومن المقرر اعتبارًا من بعد غدٍ السبت، 1 يونيو/حزيران، أن يبدأ تطبيق قرار الحكومة برفع سعر الخبز المدعوم ليبلغ أربعة أضعاف سعره الحالي، وهو يقضي بزيادة سعر الخبز ليصبح أربعة أضعاف سعره الحالي، هي خطوة ستمس 60 مليون مواطن، وقد تكون سببًا في دفع ربع المصريين القابعين على حافة خط الفقر الوطني إلى ما تحته، وستكون لها آثار خطيرة على غذاء الناس، وعلى المصريين تحت حد الجوع، المعروف بالفقر المدقع.

رفع أسعار الخبز في مصر "طعنة للفقراء"​


كما سيمثل قرار رفع أسعار الخبز "طعنة جديدة لفقراء مصر الذين تنخفض مستويات معيشتهم بشكل هائل ومتسارع منذ نهاية عام 2016، بفعل سياسات التقشف الانتقائية التي تحابي الشركات الكبرى المتصلة سياسيًا والأغنياء، وبفعل التخفيضات المتواصلة في سعر الجنيه والارتفاع الجبار في خدمة الدين وآثاره، والصدمات السعرية المتكررة"، حسب تفسير باحثي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذين أكدوا أن تلك الخطوة "تمثل رسالة رمزية بأن الصخرة الأخيرة في الحماية الاجتماعية هي الأخرى قابلة للزحزحة تماما، جنبًا إلى جنب مع تقلص الأجور الحقيقية، وتراجع الإنفاق العام الحقيقي على الصحة والتعليم، وتسعير الخدمات العامة بسعر السوق، إذ لا يُتوقع أن يكون هذا الرفع لأسعار الخبز هو آخر المطاف".


ولطالما كان رفع الدعم عن أسعار الخبز عقبة أمام الحكومات المتعاقبة التي حاولت تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي منذ يناير/ كانون الثاني 1977. ويزداد الأمر سوءًا مع حزمة السياسات التي أعلنت قبل نهاية العام المالي الحالي التي تحُل في آخر يونيو/حزيران، متضمنة رفع أسعار الدواء والخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية ورفع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء، إضافة إلى الزيادة الوشيكة المرتقبة في أسعار الطاقة لضمان آلية التسعير الدوري.

ورأى باحثو المبادرة، في تقرير مفصل صادر الخميس، أن "المصيبة في زيادة أسعار الخبز في مصر على المواطنين، مع كل آثارها الجسيمة تلك على حياة ملايين المصريين، أن الوفر الناتج عنه لا يبرر كل هذه القسوة الفاحشة ولا هذا العدوان الاقتصادي واسع النطاق، فهو قرار منابعه سياسية قبل كل شيء، وانعكاساته تمثل خيارًا سياسيًا واجتماعيًا يطأ سُبل عيش المصريين من أصحاب الدخول الدنيا"، إذ "يأتي القرار بعد أحاديث كررها المسؤولون التنفيذيون على مدار السنوات الماضية حول ما تتحمله الدولة من أعباء نتيجة الدعم العيني للفقراء. بدايةً من توجيهات من رئيس الجمهورية، وخطط (وضعت في الدرج)- حسب تصريحات لوزير التموين- خلال الأزمة الاقتصادية. لتخرج تلك الخطط حاليًا في ظل معدل تضخم قارب 32.5% في إبريل/نيسان من العام الحالي، وتوقعات بأنه لن ينخفض خلال القريب العاجل إلى المستويات التي يستهدفها البنك المركزي ليصبح بين 7 و9%".

وأكد باحثو المبادرة أن التكلفة الحقيقية لرغيف الخبز "المدعوم" تراجعت كثيرًا خلال السنوات الماضية، من حيث عدد المنتفعين من الدعم، ومن حيث وزن الرغيف الذي تم تخفيضه ثلاث مرات خلال عشر سنوات فقط ليصل إلى 90 غرامًا انخفاضًا من 120 غرامًا، وهو ما يُعتبر تخفيضًا للتكلفة. ففي الماضي القريب، وخلال أزمة مشابهة في 2008، كانت تكلفة برامج الدعم الغذائي في مصر أكبر بكثير من الوضع الحالي. حينها كانت تكلفة برامج الدعم تقدر بـ21.1 مليار جنيه، وكان متوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار في ذلك العام (5.5 جنيهات لكل دولار)، أي أن تكلفة الدعم كانت تعادل 3.83 مليارات دولار. أما الآن، فالتكلفة الإجمالية للدعم الغذائي كله تقارب 134 مليار جنيه ما يعادل نحو 2.85 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي الحالي.

وفسرت المبادرة أهمية رفع أسعار الخبز في مصر وبالأخص الفقراء منهم، إذ يمثل حساسية كبيرة، حيث يعتمدون بشكل أساسي عليه في غذائهم اليومي. فالقمح كان مسؤولًا عن توفير نحو 39% من السعرات الحرارية اليومية للمصريين خلال السنوات الماضية.


كما زاد اعتماد المصريين الفقراء على الخبز بشكل واضح منذ جائحة كورونا في 2020، بفعل عدم القدرة على توفير السلع الغذائية الأخرى كاللحوم والخضروات والفاكهة، بل وارتفاع أسعار سلع كانت تقليديًا سلعًا شعبية في متناول أغلبية المواطنين، كالعدس والكشري مثلًا. فاستهلاك القمح ومنتجاته، وعلى رأسها الخبز، يزيد مع ارتفاع التضخم في أسعار السلع الأخرى، بالتالي فإن رفع أسعار الخبز 300% سوف يؤدي لا محالة إلى "تقليل الكميات المستهلكة منه، وبالتالي يعرض الكثير من المصريين الفقراء لخطر الجوع الحقيقي، وعدم الحصول على السعرات الحرارية اللازمة للحياة يوميًا".

وكانت مصر تحتل مرتبة مرتفعة في ما يتعلق باللامساواة في الثروة وفي الدخل، بحسب قاعدة بيانات اللامساواة العالمية التي يقودها الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، حيث يستحوذ الـ1% الأغنى من المصريين على 63% من الثروة، مقابل 4% فقط من الثروة يتشاركها نصف المصريين الواقعين في أسفل السلم الاجتماعي. كما يستحوذ العشرة في المائة الأغنى على 47.6% من الدخل مقارنة بـ15% من الدخل لنصف المصريين. ويقدّر البنك الدولي أن هناك أكثر من 70% من المصريين كانوا ينفقون أقل من 42.3 جنيهًا يوميًا، أو 1269 جنيهًا شهريًا، عام 2019.

كذلك، اعتبر حزب العيش والحرية أن رفع أسعار الخبز في مصر المدعوم هو "إعلان سياسي صريح بالانحياز ضد مصالح غالبية الشعب وإمعان في الاستهزاء بمعاناته، خاصة أن موجة تصريحات متناغمة للمسؤولين كافة سبقته تعرب عن النية برفع أسعار الخبز والكهرباء والوقود والمشتقات البترولية".

ورأى الحزب في بيان له، أن "دعم الخبز لا يشكل أكثر من 2.3% من النفقات الحكومية، وهي نسبة تافهة بكل المقاييس إذا ما قورنت حتى بدعم المواد البترولية - والذي يستفيد منه قسم معتبر من أصحاب المصانع - والتي تبلغ حوالي 4%. بل إن نسبة الدعم الموجه للمواطن ككل، على السلع والخدمات كافة، بما في ذلك الكهرباء، لم تتجاوز 8.5% من النفقات. أي أقل من خُمس فاتورة الديون. والمفارقة المضحكة أن وزير التموين قد صرّح أمس، بأن رفع سعر الرغيف إلى 20 قرشاً لن يوفر أكثر من 13.7 مليار جنيه، أي أقل من 300 مليون دولار، وهو مبلغ تافه بكل المقاييس".


وقال الحزب في بيانه: "نحن بصدد نهب لما ينتجه عموم الناس في هذا البلد لمصلحة قلة رأسمالية احتكارية في الداخل، ترتبط مصالحها بقلة رأسمالية في الخارج. والنهب هذا يتخذ أشكالًا متعددة على رأسها الديون، التي نسددها من مدخراتنا القليلة، واستخدام نفس هذه المدخرات في مشاريع عملاقة في البنية الأساسية والقطاع العقاري لخدمة مصالح نفس الأقلية، ومواجهة التضخم الناتج عن هذه السياسات بأدوات مثل تعويم العملة، ورفع أسعار الفائدة التي تعود لتثري نفس الأقلية مرة أخرى المسيطرة على القطاع البنكي والمالي. هذا هو الأمر ببساطة، وحصاد السنوات الماضية نراه في إفقار الغالبية العظمى من المصريين، وتكدس أرباح هذه الأقلية في عدد محدود جدًا من القطاعات على رأسها القطاع المالي، والعقاري، ثم الصناعي كذلك. أما ما أنتجته هذه السياسة من فرص عمل، فهي فرص عمل غير مستدامة، لا تنتج قيمة مضافة تذكر، وأظهرت الأزمة مدى هشاشتها".

بدورها، حركة الاشتراكيين الثوريين، أيضًا عبرت عن سخطها على رفع أسعار الخبز في مصر، وقالت "إن مضاعفة سعر رغيف العيش المدعوم بعد قرارات رفع الأسعار الجنونية لجميع السلع الغذائية خلال الأشهر الماضية، ليست أقل من جريمة حقيقية في حق المصريين الفقراء. ولا يمكن مناقشتها بوصفها أحد قرارات رفع الأسعار، ذلك لأن رغيف العيش المدعوم هو ما تبقى على موائد الفقراء بعد عجز أغلب الأسر عن توفير باقي أنواع الغذاء لأبنائها، وهو حرفيًا ما يفصل قطاعات واسعة من المصريين عن الجوع".

2154607726.jpeg
 
  • Google Adsense
    إعلانات Google