مشاريع صغيرة في إدلب لفاقدي المهن

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع العربي الجديد
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
طباعة الموضوع
  • بادئ الموضوع
تبنت الكثير من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في إدلب وشمال غرب سورية برنامج منح لدعم مشاريع صغيرة بهدف تقديم العون لأصحاب الخبرات السابقة من فاقدي المهن، من فئة الشباب والباحثين عن مصدر رزق وعمل في مواجهة الظروف التي يعيشها هؤلاء في مخيمات النزوح والقرى والبلدات التي تضم الفئات الأشد فقراً.
وعملت المشاريع الصغيرة بشكل أساسي على تنمية قدرات الأفراد بغية تحسين مستوى معيشة المستفيدين والتماس سبل الحياة الكريمة، وركزت على خلق فرص ذات طابع تنموي وفائدة مستدامة بعيداً عن تقديم مساعدات آنية ذات طابع إغاثي.

وقالت ليلى العلواني (34 عاماً) وهي نازحة مقيمة في مخيمات مشهد روحين إنها كانت ضمن المستفيدات من منح المشاريع الصغيرة الذي أطلقته منظمة الناس في حاجة، عبر مجموعة من التدريبات والحصول بعدها على مبلغ مالي للانطلاق في مشروعها ببيع الألبسة الجاهزة في خيمتها.

وأضافت: "كانت سعادتي لا توصف بالمنحة التي حصلت عليها وقدرها 1000 دولار، وهي ما اعتبرتها طوق نجاة من أوضاعي المزرية هنا في مخيمات النزوح التي تسير بي من سيئ إلى أسوأ وخاصة وأنني فاقدة المعيل منذ أربع سنوات".


أحضرت العلواني مجموعة من الألبسة التي راحت تبيعها ضمن المخيم غير أنها اضطرت لتبيع بالدين لغالبية عميلاتها نظراً لأوضاعهن الصعبة، ما عاد عليها بالخسارة بعد صعوبة تحصيل الديون من الناس وأدى لتوقف مشروعها واستخدام رأس مالها في الإنفاق على أطفالها الخمسة.



مشاريع صغيرة في مواجهة الصعوبات​




وكذلك الحال مع مروان الصدير (30 عاماً) الذي حصل على منحة صيانة هواتف ذكية مؤلفة من لابتوب ومعدات صيانة ولوح طاقة شمسية وبطارية ورافع جهد، ولأن الإقبال على محله الذي افتتحه في خيمته كان ضعيفا للغاية اضطر لبيع المعدات وإنفاق ثمنها على أسرته بعد أن حاصرهم الفقر والديون من كل جانب.

يقول الصدير إن تلك المنحة كان يمكن أن يؤتى ثمارها لو تبعها متابعة وتشجيع وحل للمشكلات التي تواجه المستفيدين في الترويج لمنتجاتهم وبضائعهم وخدماتهم، كما أن مبلغ 1000 دولار صغير ولا يكفي لقيام مشروع يمكن أن يكون ناجحاً ومستمرا وخاصة وسط الغلاء وقلة مصادر الدخل.

هبة نور الدين إحدى العاملات السابقات في مجال الإشراف على تنفيذ المشاريع الصغيرة شمال غرب سورية من قبل بعض منظمات المجتمع المدني، ترى أن هذه المشاريع كان لها أثر إيجابي من كل النواحي، وهي ليست دعما للمستفيد فقط، بل دعم لعائلته دفعهم للاستغناء عن السلة أو المساعدة الإغاثية السهلة.


وأضافت لـ"العربي الجديد" أنه من الناحية المادية زادت دخل الأسرة، ومن الناحية الاجتماعية خففت جزءا من البطالة وأمنت فرص عمل للكثير من الأشخاص الباحثين عن فرصة عمل، ومن الناحية الاقتصادية نشطت السوق المحلية وزادت التنافس. وأشار إلى العامل النفسي أيضاً لصاحب المشروع الذي راح يعتمد على نفسه ويحقق ذاته ويملأ فراغه، ومن حيث هي نسبة لنجاح تلك المشاريع قالت إنها متفاوتة وتعود لطبيعة المتابعة من قبل المنظمات الداعمة له، ولكن هي بالمجمل فوق 50%، وفق متابعتها السابقة لتلك المشاريع.



مشاريع صغيرة نمطية​



من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي يونس كريم لـ"العربي الجديد" إنه رغم أهمية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في اقتصاديات دول العالم، إلا أن مناطق شمال غرب سورية ما تزال تعاني أزمات متلاحقة نتيجة عدم استخدام القوى الكامنة فيها من أجل بناء الاقتصاد الخاص بها.

ووصف كريم تلك المشاريع الصغيرة بأنها مشاريع نمطية ولا تنتج قيمة مضافة للعائلات التي تعمل بها لعدة أسباب أهمها عدم وجود مؤسسة حقيقية لدى حكومة الإنقاذ أو المؤقتة، كما أن التنافس بين الأخيرتين يجعل المنطقة في حالة اضطراب دائم. وأوضح أن المنظمات التي تقوم بتلك المشاريع يسودها الفساد بسبب عدم وجود عناصر ذات خبرات اقتصادية لإدارة هذا النمط من جهة، ولعدم وجود تنسيق وتكامل فيما بينها من جهة أخرى، وأشار إلى أن معظم المنح التي تقدم لهذا النمط من المشاريع يذهب جلها كأجور ورواتب للمنظمات وسلطات الأمر الواقع كرشاوى للسماح بتنفيذها، وعلى التدريبات "غير المجدية لعدم وجود عناصر قادرة على خلق خبرات مهنية تقنية لدى المتلقي، إضافة لعدم تناسب وتناغم هذه المشاريع مع السوق المحلية". وبيّن أن مراكز الدراسات المقامة في المنطقة لا تهتم بهذا النمط من المشاريع عبر إعداد دراسات وإعادة تقييم للمشاريع، وتصنف هذه المشاريع أنها من مشاريع سبل العيش أي محاولة إبقاء المواطنين على قيد الحياة دون الحاجة إلى طلب المعونة، "وما هي إلا إشاعة، إذ سرعان ما يفشل المشروع وتتبخر الأموال بعد مدة قصيرة لعدم وجود ضوابط لإدارة هذه المشاريع التي يسودها الكثير من نقاط الضعف".
وللوقوف على حلول إنجاح تلك المشاريع قال كريم إنه يتوجب إقامة جهة أو وزارة أو مؤسسة لإعادة تنظيم منح هذه المشاريع والعمل على الإحصاء وفرز الكوادر وتحديد احتياجات كل منطقة، وهذا يأتي بالتناغم مع قيام مراكز الدراسات بإجراء مسوحات اقتصادية حقيقية للمنطقة وتحديد احتياجاتها، ما يوفر الكثير من الوقت والجهد.
وتابع كريم إنه ينبغي على المنظمات الالتزام بتلك الدراسات ووضع خطة في إطارها ودعم بعضهم البعض بحيث تكون مخرجات أي مشروع عمل صغير أو متناهي الصغر مدخلا لمشروع آخر وألا تترك سدى، إضافة لجلب خبرات دولية لإدارة هذه المشاريع وتطويرها وعدم ترك الأمر يقع على الأفراد الذين يعانون ضائقة مالية وعدم استقرار سياسي ونفسي نتيجة طول سنوات الحرب.

33_5.jpg
 
  • Google Adsense
    إعلانات Google