إضافة إلى الشراكات الثنائية، تعمد الصين، بهدف تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول، إلى تأسيس آليات جماعية، كالمنتدى الصيني الأفريقي ومنتدى الصين ومجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي ومنتدى التعاون الصيني العربي. وقد انقضت عشرون عاماً على تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، في أثناء زيارة الرئيس الصيني السابق هو جين تاو إلى مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة في 30 يناير/ كانون الثاني 2004.
ساهم المنتدى في تعزيز العلاقات والروابط بين الصين والدول العربية، عبر إنشائه 19 آلية متنوّعة تغطي مجالات عديدة، من السياسة إلى الطاقة والاقتصاد والتجارة والصحة والفضاء والتواصل الشعبي وغيرها، وجديد هذه الآليات الرابطة الصينية العربية للمؤسّسات الفكرية التي أسست في أوائل العالم الحالي (2024)، في أثناء زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي القاهرة.
ومنذ نشأة المنتدى، تطوّر حجم المبادلات التجارية بين الصين والدول العربية من 36 مليار دولار عام 2004 إلى 398.1 مليار دولار عام 2023، ما يجعل الصين الشريك التجاري الأول لدول المنطقة. كما شهدت الاستثمارات الصينية في الدول العربية نموّاً، حيث بلغت 213.9 مليار دولار بين 2005 و2021، لتكون أكبر مستثمر أجنبي في العالم العربي، واستحوذت السعودية على 21% من الاستثمارات الصينية، تليها الإمارات بنحو 17% . وخلال العام الماضي (2023)، ازداد حجم الاستثمارات الصينية بنحو 16% في الإمارات، وفي السعودية ضخّت بكين 16.8 مليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار خلال العام 2022. في المقابل، أخذت الدول العربية، ولا سيما الخليجية، تزيد استثماراتها في الصين.
ومن أهم الإنجازات التي حققها منتدى التعاون الصيني العربي انضمام جميع الدول العربية إلى مبادرة الحزام والطريق، آخرها الأردن، الذي وقع على وثيقة المبادرة الصينية في أواخر العام الماضي. كما نتج عن المنتدى انعقاد القمّة الصينية العربية الأولى في الرياض عام 2022 بحضور الرئيس الصيني وزعماء الدول العربية، وانتهت إلى توقيع عشرات الاتفاقيات في مجالات عديدة، كما اتفق المجتمعون على الانتقال بعلاقاتهم إلى مرحلة جديدة.
بشكل عام، ليس تعامل الصين مع دول المنطقة على مستوى واحد، حيث تميل، لأسباب جيو اقتصادية، إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج الغنية بالنفط الذي تحتاجه وذات البنى التحتية المتطوّرة. كما تعزّز علاقاتها مع مصر التي لها موقع مميز في مبادرة الحزام والطريق، وفيها قناة السويس التي تمر عبرها حاملات النفط والبضائع الصينية. وقد أدّت الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في بعض الدول العربية إلى إعاقة تطوير العلاقات بين بكين وهذه الدول. ولذلك نجد الاستثمارات الصينية فيها قليلة، مثل ليبيا وسورية.
للصين والدول العربية مصلحة مشتركة في إقامة منتدى التعاون الصيني العربي، فالدول العربية بحاجة إلى تطوير اقتصادها واستغلال الثروات النفطية فيها مع طموح بعضها إلى أن تصبح قوة إقليمية ومراكز اقتصادية كبيرة. في المقابل، تسعى الصين إلى الاستفادة من النفط العربي، وإلى تكوين جبهة عربية مساندة لها في مواضيع حقوق الإنسان في شينغ يانغ والاعتراف بمبدأ الصين الواحدة.
وإجمالاً، تقوم العلاقات بين الصين والدول العربية على النفع المتبادل والكسب المشترك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما ولد الثقة المتبادلة بين الجانبين. وإذا كان التوجّه الصيني في البداية نحو الدول العربية مدفوعاً بالحصول على الطاقة، إلا أن التوجّه الصيني والعربي ذهب أخيراً إلى تطوير العلاقات في مجالات جديدة، كالطاقة المتجددة والفضاء والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والطاقة النوية السلمية وتغيّر المناخ ومجالات أخرى.
يغلب على المنتدى الطابع الاقتصادي، ومع ذلك يعتبر مساحة لمناقشة المسائل السياسية والأمنية في المنطقة. وفي سعيها إلى إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، عرضت بكّين مرات عديدة مبادرات لتهدئة الأوضاع، وأولت القضية الفلسطينية أهمية كبيرة، إذ ترى أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلّة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
على الرغم من إنجازات المنتدى في تعزيز العلاقات الصينية العربية، إلا أن هذا التقارب بين الطرفين يواجه تحدّياتٍ كبيرة، أهمّها التنافس الصيني الأميركي في المنطقة، حيث تتعرّض بعض الدول العربية لضغوط أميركية كبيرة لتقليل تعاونها مع الصين، كما هو الحال بالنسبة للسعودية التي تسعى إلى إبرام اتفاقٍ دفاعيٍّ مع الولايات المتحدة. ومن أبرز مطالب واشنطن لتوقيع الاتفاق ابتعاد الرياض عن بكين، ولا سيّما في التكنولوجيا وتقليل الاستثمارات الصينية فيها. والحال كذلك بالنسبة للبنان الذي تعرّض لضغوط أميركية في السنوات السابقة، وفي ظل أزمته الاقتصادية، لرفض العروض الصينية التي قدّمتها له. ناهيك عن أن الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرّة في عدة دول عربية تعيق الاستثمارات الصينية فيها أو تؤخّرها، فضلاً عن عدم رغبة الصين في الانخراط في نزاعات المنطقة التي لا تنتهي.
دعا الرئيس الصيني، في كلمته في القمّة الصينية العربية الأولى، إلى العمل يداً بيد لبناء المجتمع الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، ولكن هذا العصر الذي تحدّث عنه بحاجة إلى تأمين الأمن والأمان في منطقةٍ تغلب عليها الصراعات والحروب.
ساهم المنتدى في تعزيز العلاقات والروابط بين الصين والدول العربية، عبر إنشائه 19 آلية متنوّعة تغطي مجالات عديدة، من السياسة إلى الطاقة والاقتصاد والتجارة والصحة والفضاء والتواصل الشعبي وغيرها، وجديد هذه الآليات الرابطة الصينية العربية للمؤسّسات الفكرية التي أسست في أوائل العالم الحالي (2024)، في أثناء زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي القاهرة.
ومنذ نشأة المنتدى، تطوّر حجم المبادلات التجارية بين الصين والدول العربية من 36 مليار دولار عام 2004 إلى 398.1 مليار دولار عام 2023، ما يجعل الصين الشريك التجاري الأول لدول المنطقة. كما شهدت الاستثمارات الصينية في الدول العربية نموّاً، حيث بلغت 213.9 مليار دولار بين 2005 و2021، لتكون أكبر مستثمر أجنبي في العالم العربي، واستحوذت السعودية على 21% من الاستثمارات الصينية، تليها الإمارات بنحو 17% . وخلال العام الماضي (2023)، ازداد حجم الاستثمارات الصينية بنحو 16% في الإمارات، وفي السعودية ضخّت بكين 16.8 مليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار خلال العام 2022. في المقابل، أخذت الدول العربية، ولا سيما الخليجية، تزيد استثماراتها في الصين.
تقوم العلاقات بين الصين والدول العربية على النفع المتبادل والكسب المشترك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما ولد الثقة المتبادلة بين الجانبين
ومن أهم الإنجازات التي حققها منتدى التعاون الصيني العربي انضمام جميع الدول العربية إلى مبادرة الحزام والطريق، آخرها الأردن، الذي وقع على وثيقة المبادرة الصينية في أواخر العام الماضي. كما نتج عن المنتدى انعقاد القمّة الصينية العربية الأولى في الرياض عام 2022 بحضور الرئيس الصيني وزعماء الدول العربية، وانتهت إلى توقيع عشرات الاتفاقيات في مجالات عديدة، كما اتفق المجتمعون على الانتقال بعلاقاتهم إلى مرحلة جديدة.
بشكل عام، ليس تعامل الصين مع دول المنطقة على مستوى واحد، حيث تميل، لأسباب جيو اقتصادية، إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج الغنية بالنفط الذي تحتاجه وذات البنى التحتية المتطوّرة. كما تعزّز علاقاتها مع مصر التي لها موقع مميز في مبادرة الحزام والطريق، وفيها قناة السويس التي تمر عبرها حاملات النفط والبضائع الصينية. وقد أدّت الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في بعض الدول العربية إلى إعاقة تطوير العلاقات بين بكين وهذه الدول. ولذلك نجد الاستثمارات الصينية فيها قليلة، مثل ليبيا وسورية.
للصين والدول العربية مصلحة مشتركة في إقامة منتدى التعاون الصيني العربي، فالدول العربية بحاجة إلى تطوير اقتصادها واستغلال الثروات النفطية فيها مع طموح بعضها إلى أن تصبح قوة إقليمية ومراكز اقتصادية كبيرة. في المقابل، تسعى الصين إلى الاستفادة من النفط العربي، وإلى تكوين جبهة عربية مساندة لها في مواضيع حقوق الإنسان في شينغ يانغ والاعتراف بمبدأ الصين الواحدة.
وإجمالاً، تقوم العلاقات بين الصين والدول العربية على النفع المتبادل والكسب المشترك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما ولد الثقة المتبادلة بين الجانبين. وإذا كان التوجّه الصيني في البداية نحو الدول العربية مدفوعاً بالحصول على الطاقة، إلا أن التوجّه الصيني والعربي ذهب أخيراً إلى تطوير العلاقات في مجالات جديدة، كالطاقة المتجددة والفضاء والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والطاقة النوية السلمية وتغيّر المناخ ومجالات أخرى.
التقارب العربي الصيني يواجه تحدّياتٍ كبيرة، أهمّها التنافس الصيني الأميركي في المنطقة
يغلب على المنتدى الطابع الاقتصادي، ومع ذلك يعتبر مساحة لمناقشة المسائل السياسية والأمنية في المنطقة. وفي سعيها إلى إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، عرضت بكّين مرات عديدة مبادرات لتهدئة الأوضاع، وأولت القضية الفلسطينية أهمية كبيرة، إذ ترى أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلّة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
على الرغم من إنجازات المنتدى في تعزيز العلاقات الصينية العربية، إلا أن هذا التقارب بين الطرفين يواجه تحدّياتٍ كبيرة، أهمّها التنافس الصيني الأميركي في المنطقة، حيث تتعرّض بعض الدول العربية لضغوط أميركية كبيرة لتقليل تعاونها مع الصين، كما هو الحال بالنسبة للسعودية التي تسعى إلى إبرام اتفاقٍ دفاعيٍّ مع الولايات المتحدة. ومن أبرز مطالب واشنطن لتوقيع الاتفاق ابتعاد الرياض عن بكين، ولا سيّما في التكنولوجيا وتقليل الاستثمارات الصينية فيها. والحال كذلك بالنسبة للبنان الذي تعرّض لضغوط أميركية في السنوات السابقة، وفي ظل أزمته الاقتصادية، لرفض العروض الصينية التي قدّمتها له. ناهيك عن أن الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرّة في عدة دول عربية تعيق الاستثمارات الصينية فيها أو تؤخّرها، فضلاً عن عدم رغبة الصين في الانخراط في نزاعات المنطقة التي لا تنتهي.
دعا الرئيس الصيني، في كلمته في القمّة الصينية العربية الأولى، إلى العمل يداً بيد لبناء المجتمع الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، ولكن هذا العصر الذي تحدّث عنه بحاجة إلى تأمين الأمن والأمان في منطقةٍ تغلب عليها الصراعات والحروب.