تخطط إيطاليا لزيادة التعاون الاقتصادي في ليبيا ومزاحمة العديد من دول العالم في انتزاع مكاسب استثمارية من طرابلس. وظهر ذلك واضحا من خلال زيارة أجرتها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في السابع من مايو/ أيار الجاري إلى ليبيا، حيث التقت برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
ولكن المحاولات الإيطالية تواجه مخاوف من عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تعاني منه ليبيا وانعكاسه على أي اتفاقات قد تعقد بين الطرفين خلال هذه الفترة.
في تعليقه على زيارة ميلوني إلى ليبيا، قال كبير مستشاري مركز "ميد-أور" للأبحاث التابع لمجموعة "ليوناردو" الإيطالية لصناعات الدفاع دانييلي روفينيتّي لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة عناصر اقتصادية تربط بين إيطاليا وليبيا أيضاً تكمن خلف زيارة رئيسة الوزراء ميلوني، بدءاً من مجموعة إيني (النفطية)، وهي لاعب بالغ الأهمية لإيطاليا التي تجد في ليبيا جزءاً مهماً من أنشطتها، وصولاً إلى الشركات العاملة في مشروعات بنى تحتية مختلفة (بدءاً من الطريق السريع بين طرابلس وبنغازي أو إعادة تأهيل الموانئ والمطارات).
ولا ننسى، في هذا السياق، أنشطة الصيد المختلفة وغيرها من أوجه التعاون الأخرى". وأضاف روفينيتّي أن "هذا يعني أن ليبيا شريك اقتصادي لإيطاليا، ولكن لا شك في أنها كان يمكن أن تكون أكثر من ذلك إذا توفر لها عنصر أساسي، ألا وهو الاستقرار السياسي، الذي في غيابه يصبح الحديث عن اتفاقيات اقتصادية حالية أو مستقبلية أمراً محفوفاً بالمخاطر"، مشدداً على أن "الاستقرار السياسي يعني الأمن أيضاً، ومن المعلوم بالضرورة أن هذا الأخير عنصر أساسي آخر بالغ الأهمية من أجل السماح بالازدهار ونهضة المنظومة الاقتصادية - الصناعية الليبية، ومن ثم أيضاً المنظومة التجارية".
بدوره، رأى الكاتب والباحث بمركز دراسات السياسة الدولية بروما (CeSPI) ماتّيا جامباولو أن "زيارة ميلوني إلى ليبيا تمثل خطوة جديدة في النشاط الإيطالي في شمال أفريقيا. ولا تأتي هذه الزيارة بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية فقط، حيث يبدو أن إيطاليا، خاصة في شمال أفريقيا، لديها هدف مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا
فون ديرلاين، ولكنها تمثل أيضاً خطوة للأمام نحو تنفيذ خطة ماتّي للتنمية في أفريقيا".
وخطة ماتّي تستهدف وقف تدفقات الهجرة غير النظامية، والتعاون مع أفريقيا في مجالات الطاقة والبنية التحتية وغيرها. وأضاف، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن "ذلك يتجلى أيضاً في زيارة رئيسة الوزراء إلى برقة، والتي قدمت خلالها إيطاليا خبرتها في إعادة إعمار درنة والسد (وهو قطاع تملك فيه الشركات الإيطالية خبرة راسخة، وتجدر الإشارة هنا إلى وجودها في العراق من أجل إعادة بناء سد الموصل)، ورغبة إيطاليا في التعاون مع بنغازي، خاصة في مجال الإمداد بالتكنولوجيا في القطاع الزراعي".
في تعليقه على هذه الزيارة، قال المحامي والكاتب الصحافي الإيطالي المعروف يوري ماريا برادو إنّ "تعقّد رقعة الشطرنج الليبية تأكد من خلال رئيسة الحكومة الإيطالية التي كان عليها، بعدما حطت رحالها في طرابلس، معقل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التوجه إلى برقة لمقابلة الجنرال خليفة حفتر.
وبدا من الواضح أن حكومة طرابلس الوحيدة المعترف بها دولياً لم تكف كمحاور لإدارة العلاقات بين البلدين". وأوضح برادو، في مقال نشرته صحيفة "ريفورميستا" الإيطالية، بتاريخ التاسع من مايو بعنوان "تلك الواقعية المنافقة والحمقاء"، أن "ميلوني تحدثت في بنغازي مع من لا يهيمن فقط على الشرق الليبي، مفترق الطرق الأساسي نحو الساحل، وإنما أيضاً مع الشخص الذي يعد بكافة المقاييس رجل موسكو في شمال أفريقيا"، ورأى أن ليبيا تمثل وجبة دسمة بالنظر إلى ثرواتها الطبيعية فضلاً عن "موقعها الجغرافي الذي يسيل له لعاب الجميع. وكما نرى، فقد رسخت تركيا وقطر جذورهما في القطاع الغربي من البلاد".
من جانبه، شدد سفير إيطاليا الأسبق في لبنان غابرييلي كيكيا على أن "إيطاليا تمثل رأس حربة الاتحاد الأوروبي في أفريقيا، وزيارة ميلوني الأخيرة إلى ليبيا تندرج في سياق سردية أكثر اتساعاً تعيد إلى روما في المقام الأول ثقلها في رقعة الشطرنج المتوسطية من خلال مبادرات تحظى برؤية واسعة وزيارات متكررة إلى دول تمثل بالنسبة لنا شركاء استراتيجيين، مثل الجزائر ومصر وتونس وأنغولا وليبيا ولبنان والمغرب".
وأوضح كيكيا، في حديث خاص لمجلة "فورميكي" الإيطالية نشرته بتاريخ السابع من مايو تحت عنوان "ليبيا وخطة ماتّي، المعادلة الثنائية ناجعة. زيارة ميلوني إلى طرابلس من وجهة نظر كيكيا"، أن "العنصر الثاني، في هذا السياق، يتمثل في الجدية التي تتعامل بها الحكومة مع تنفيذ خطة ماتّي للتنمية في أفريقيا، حيث تتحرك على المستوى متعدد الأطراف بطريقة لا تشوبها شائبة.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى مؤتمر التنمية والهجرة الذي عقد بروما في يوليو/ تموز الماضي، وأيضاً مؤتمر إيطاليا - أفريقيا في يناير/ كانون الثاني الماضي الذي حقق نجاحاً كبيراً"، ورأى أن "هذه الفعاليات كان من شأنها أيضاً اعتماد إيطاليا كنقطة مرجعية لاستراتيجية أوروبية حقيقية".
ولكن المحاولات الإيطالية تواجه مخاوف من عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تعاني منه ليبيا وانعكاسه على أي اتفاقات قد تعقد بين الطرفين خلال هذه الفترة.
مخاوف إيطالية من عدم الاستقرار
في تعليقه على زيارة ميلوني إلى ليبيا، قال كبير مستشاري مركز "ميد-أور" للأبحاث التابع لمجموعة "ليوناردو" الإيطالية لصناعات الدفاع دانييلي روفينيتّي لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة عناصر اقتصادية تربط بين إيطاليا وليبيا أيضاً تكمن خلف زيارة رئيسة الوزراء ميلوني، بدءاً من مجموعة إيني (النفطية)، وهي لاعب بالغ الأهمية لإيطاليا التي تجد في ليبيا جزءاً مهماً من أنشطتها، وصولاً إلى الشركات العاملة في مشروعات بنى تحتية مختلفة (بدءاً من الطريق السريع بين طرابلس وبنغازي أو إعادة تأهيل الموانئ والمطارات).
ولا ننسى، في هذا السياق، أنشطة الصيد المختلفة وغيرها من أوجه التعاون الأخرى". وأضاف روفينيتّي أن "هذا يعني أن ليبيا شريك اقتصادي لإيطاليا، ولكن لا شك في أنها كان يمكن أن تكون أكثر من ذلك إذا توفر لها عنصر أساسي، ألا وهو الاستقرار السياسي، الذي في غيابه يصبح الحديث عن اتفاقيات اقتصادية حالية أو مستقبلية أمراً محفوفاً بالمخاطر"، مشدداً على أن "الاستقرار السياسي يعني الأمن أيضاً، ومن المعلوم بالضرورة أن هذا الأخير عنصر أساسي آخر بالغ الأهمية من أجل السماح بالازدهار ونهضة المنظومة الاقتصادية - الصناعية الليبية، ومن ثم أيضاً المنظومة التجارية".
اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية
بدوره، رأى الكاتب والباحث بمركز دراسات السياسة الدولية بروما (CeSPI) ماتّيا جامباولو أن "زيارة ميلوني إلى ليبيا تمثل خطوة جديدة في النشاط الإيطالي في شمال أفريقيا. ولا تأتي هذه الزيارة بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية فقط، حيث يبدو أن إيطاليا، خاصة في شمال أفريقيا، لديها هدف مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا
فون ديرلاين، ولكنها تمثل أيضاً خطوة للأمام نحو تنفيذ خطة ماتّي للتنمية في أفريقيا".
وخطة ماتّي تستهدف وقف تدفقات الهجرة غير النظامية، والتعاون مع أفريقيا في مجالات الطاقة والبنية التحتية وغيرها. وأضاف، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن "ذلك يتجلى أيضاً في زيارة رئيسة الوزراء إلى برقة، والتي قدمت خلالها إيطاليا خبرتها في إعادة إعمار درنة والسد (وهو قطاع تملك فيه الشركات الإيطالية خبرة راسخة، وتجدر الإشارة هنا إلى وجودها في العراق من أجل إعادة بناء سد الموصل)، ورغبة إيطاليا في التعاون مع بنغازي، خاصة في مجال الإمداد بالتكنولوجيا في القطاع الزراعي".
اللاعبون الرئيسيون على الساحة في ليبيا
في تعليقه على هذه الزيارة، قال المحامي والكاتب الصحافي الإيطالي المعروف يوري ماريا برادو إنّ "تعقّد رقعة الشطرنج الليبية تأكد من خلال رئيسة الحكومة الإيطالية التي كان عليها، بعدما حطت رحالها في طرابلس، معقل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التوجه إلى برقة لمقابلة الجنرال خليفة حفتر.
وبدا من الواضح أن حكومة طرابلس الوحيدة المعترف بها دولياً لم تكف كمحاور لإدارة العلاقات بين البلدين". وأوضح برادو، في مقال نشرته صحيفة "ريفورميستا" الإيطالية، بتاريخ التاسع من مايو بعنوان "تلك الواقعية المنافقة والحمقاء"، أن "ميلوني تحدثت في بنغازي مع من لا يهيمن فقط على الشرق الليبي، مفترق الطرق الأساسي نحو الساحل، وإنما أيضاً مع الشخص الذي يعد بكافة المقاييس رجل موسكو في شمال أفريقيا"، ورأى أن ليبيا تمثل وجبة دسمة بالنظر إلى ثرواتها الطبيعية فضلاً عن "موقعها الجغرافي الذي يسيل له لعاب الجميع. وكما نرى، فقد رسخت تركيا وقطر جذورهما في القطاع الغربي من البلاد".
ثقل إيطاليا في ليبيا وخطة ماتّي
من جانبه، شدد سفير إيطاليا الأسبق في لبنان غابرييلي كيكيا على أن "إيطاليا تمثل رأس حربة الاتحاد الأوروبي في أفريقيا، وزيارة ميلوني الأخيرة إلى ليبيا تندرج في سياق سردية أكثر اتساعاً تعيد إلى روما في المقام الأول ثقلها في رقعة الشطرنج المتوسطية من خلال مبادرات تحظى برؤية واسعة وزيارات متكررة إلى دول تمثل بالنسبة لنا شركاء استراتيجيين، مثل الجزائر ومصر وتونس وأنغولا وليبيا ولبنان والمغرب".
وأوضح كيكيا، في حديث خاص لمجلة "فورميكي" الإيطالية نشرته بتاريخ السابع من مايو تحت عنوان "ليبيا وخطة ماتّي، المعادلة الثنائية ناجعة. زيارة ميلوني إلى طرابلس من وجهة نظر كيكيا"، أن "العنصر الثاني، في هذا السياق، يتمثل في الجدية التي تتعامل بها الحكومة مع تنفيذ خطة ماتّي للتنمية في أفريقيا، حيث تتحرك على المستوى متعدد الأطراف بطريقة لا تشوبها شائبة.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى مؤتمر التنمية والهجرة الذي عقد بروما في يوليو/ تموز الماضي، وأيضاً مؤتمر إيطاليا - أفريقيا في يناير/ كانون الثاني الماضي الذي حقق نجاحاً كبيراً"، ورأى أن "هذه الفعاليات كان من شأنها أيضاً اعتماد إيطاليا كنقطة مرجعية لاستراتيجية أوروبية حقيقية".