خبر الشيــخ أبوجرة سلطاني ينشر تفسيـر سورة الناس

آخر الأخبار
طباعة الموضوع
  • بادئ الموضوع

الزيبان نيوز - نشر الشيخ الجزائري أبو جرة سلطاني، اليوم الإثنين، تفسير سورة الناس، وذلك بعد أن أنهى المراجعة النهائية لتفسيره الموسوم: حركة القرآن المجيد (في النفس والمجتمع والتاريخ).في 25 مجلدا (أكثر من 17500صفحة).



وذكر الشيخ بأن سبب نشره لتفسير سورة ( الناس) بأنه يعتبرها هدية لمتابعيه ومحبيه والمهتمين بكتاباته، بحسب ماذكرته الصفحة الرسمية لشيخ أبو جرة سلطاني سابقاً.



مضيفاً، وذلك، حتى يتسنى للمتشوقين لمعرفة ما في هذا التفسير من درر، قبل صدوره.



وجاء في تفسير سورة الناس "





بســم الله الرّحمــن الرّحيــم



114ـ تفسيــر ســورة النّاس



" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" النّاس: 1.



(1) ـ التّعريف بالسّـورة وموضوعها.



التّعريف بالسّورة: سورة النّاس مكيّة، نزلت بعد سورة الفلق، وقال البيهقي في الدّلائل: نزلتا معا. فهي السّورة الواحدة والعشرون في ترتيب النّزول، والرّابعة عشرة بعد المائة في ترتيب المصحف الشّريف (آخر سورة في كتاب الله المجيد). عدد آياتها ستُّ آيات. وكلماتها ستّ وعشرون كلمة، منها لفظتان خُصّت بهما هما: الوسواس. والخنُاس. تكرّرت كلمة الناس فيها خمس مرّات. أخذت اسمها من أول آية فيها: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" النّاس: 1. وتسمّى كذلك سورة: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". وهي خامسة السور المبدوءة بفعل الأمر "قل"، وهن: الجنّ، الكافرون، الإخلاص، الفلق، والناس.

ما سبق قوله في التّعريف بسورة الفلق يجري عليها كونهما نزلتا متتابعتيْن رقية للناس من كلّ شرّ يتوقّعونه.. شرّ لا حيلة لهم على دفعه إلاّ بالالتجاء إلى خالق المصدر الذي ينبو عنه باللّيل والنّهار من مخلوقات تبتغي إلحاق الضرّ بالناس فتنةً لهم وحسدا على ما آتاهم الله من فضله، والله (ﷻ) هو خالق فاعل الشرّ وخالق المبتلى به، فكلاهما خلْقٌ من خلقه يتصرّف فيهما بطلاقة قدرته؛ فلا يضرّ الشرّير بشرّه أحدا إلاّ بإذن الله. ولا يلحق "الضحيّة" ضرّ إلاّ بإذن الله، فهو وحده النافع الضارّ ومخلوقاته أسباب: " وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ" البقرة: 102. فسلاح الخائف العوذ بربّ الأشرار؛ فمن انفرد به عدوّه فتك به.

والفرق بينهما أنّ سورة الفلق تحثّ المؤمنين بالغيب على الالتجاء إلى الله وسؤاله الجيرة من أربعة مصادر خارجيّة يُتوقّع خروج الشرّ منها وصدوره عنها.

ـ مصدر عامّ يأتي منه الشرّ مطلقا بغير تعيين ولا تحديد.

ـ مصدر مظلم لا ترى العين فيه حركة الشرّ حتّى يقع.

ـ مصدر بشريّ ينفث السّحر ويعْقد ما يتوهّم أنه ضارّ.

ـ ومصدر حاسد يعاند الوهّاب (ﷻ) في واسع رحمته.

أما هذه السّورة فتحثّ المؤمنين بالغيب على الفرار إلى الله لطلب حمايته من شرّ داخلي، جاثم في صدورهم، لا تراه العين ولا تملك النّفس دفعه لأنّ مصدره مُجتنّ يوسوس ويخنس، لقول ابن عبّاس (رضي الله عنه) قال رسول الله (ﷺ): "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله تعالى خنس. وإذا غفل وسوس" .(1). ومن تلبيس إبليس أنه يأتي الإنسان من مكمن حذره، أو يأتيه من المنفذ الذي يحبّه فيزيّنه له على نحو ييسرّ له الوسوسة له من داخل قلبه كما صنع مع أبوينا من قبل بالدّخول عليهما من باب حبّ المُلك وحبّ الخلد: "فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكٖ لَّا يَبۡلَىٰ" طه: 120، فإذا عجز عن الوسوسة بالشرّ وسوس لك بالخير ليفسده بالمنّ والأذى، أو بالفخر والرياء، أو بالمبالغة في فعله حتّى يملّ منه فينقطع بعد دوام..

سبب نزولها هو نفسه سبب نزول سورة الفلق، لأنهما نزلتا معا أو تتابعتا كأنهما سورة واحدة بتعويذتيْن متكاملتيْن لعلاج أدواء كثيرة بعضها ظاهر وبعظها باطن، في الأولى: أمر

بالفرار إلى فالق الحبّ والنّوى لطلب الوقاية من كلّ شرّ وارد على الإنسان من خارج نفسه (شرّ السّحرة، وشرّ ما يحدث في ظلمة اللّيل إذا ادلهمّ واعتكر، وشرّ الحاسدين إذا حسدوا وابتغوا الشرّ والضرّ). وفي الثّانية: أمر بالفرار إلى الله من شرّ عدوّ يقيم داخل النّفس؛ إذا غفلت نالتها شظايا وسوساته. وإذا ذكرت الله خنس وتوارى واختفى وتضاءل وصغر.. وكان كيده في تضليل.

موضوع السّورة: موضوعها امتداد لموضوع أختها الفلق، فهي تكملة لها وتتمّة؛ فهما معوِّذتان متكاملتان. الأولى تعويذة من الشّرور الخارجية. والثّانية من الشّرور الدّاخلية. وكلتاهما مبدوءتان بأمر من الله تعالى لرسوله (ﷺ)، ولكلّ مؤمن بالغيب بأنّ في التجائه إلى ربّه حماية له من شرور الغيب. وفي الفرار إليه ممّا يخشى ويحاذر أمانا له من شرور مستترة لا طاقة له على دفعها إلاّ بالاحتماء بخالقها.. مالكها.. ربّها المهيمن على ما جنّ وتخفّى وتوارى

عن الأنظار، الذي يرى الجنّ والناس لأنه ربّهما وربّ الشّياطين وربّ من يرانا، هو وقبيله

من حيث لا نراهم.

فلا يردّ وسوسة الجنّ إلاّ خالقه من نار وخالقنا من طين، وهو بذلك جدير وعلى كلّ شيء قدير. فسورة الناس "تعويذة" بربّ الناس ملك الناس إله الناس من شرّ الشّيطان ووسوساته بنفسه، أو عن طريق أعوانه في الأرض من شرار الناس، ليدرك الإنسان أنّ له ربّا يحميه. وأنه ليس متروكا لانتهاب الغيب ولا لافتراس الجنّ وما لا يرى..

فموضوعها الأساس تعظيم الخالق (ﷻ) بيقين أنه المهيمن على ما خلق بربوبيّة مطلقة تربّي وتدبّر وتردع المعتدين ولا تترك الإنسان فريسة لكائنات غيبيّة.. فهي إعلام لأهل الإيمان بأن الله (ﷻ) ربّ الناس ومالكهم وإلههم. ومن أراد قهر شيطانه فليجتهد في سدّ المنافذ التي تتسرّب منها إلى نفسه وتوسوس له من داخله، والسّلاح المضادّ لوسوسة الشّياطين هو الالتجاء إلى خالقها ربّها الواحد القهّار.. ربّ الناس وسؤاله الحماية من شرّها ونفثها ومن شرّ أعوانهم وجندهم..

خصوصيّة هذه السّورة أنها خاتمة المصحف الشّريف، المبدوء بالحمد والمختوم بالناس. يقول قارئ القرآن: تلوت كتاب الله تعالى من الفاتحة إلى النّاس. ويعني أنه تلا مائة وأربعة عشرة سورة هي كلّ القرآن المجيد، في ترتيب المصحف الإمام، أوّلها فاتحة الكتاب المبدوءة بالحمد وآخرها خاتمة الكتاب المبدوءة بالالتجاء إلى ربّ الناس للاحتماء به من عدوّ ذرّية آدم أجمعين بمنطوق الوحي القويم: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ " فاطر: 6.

وذكر في آخر منشوره بأنه سيكمل تفسير ماتبقى من السورة في وقت لاحق.

المصدر: مدونة الزيبان
 
  • Google Adsense
    إعلانات Google