توقع البنك الدولي استمرار حالة التردي الاقتصادي في سورية وتواصل التراجع في معدلات النمو، على النحو ذاته الذي شهدته البلاد خلال السنوات الأخيرة. وذكر تقرير حديث صادر عن البنك الدولي بعنوان "المرصد الاقتصادي لسورية ربيع 2024 الصراع والأزمات وانهيار رفاهية الأسرة"، أن الوضع الاقتصادي يمضي إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، مع استمرار النقص في التمويل وتراجع المساعدات الإنسانية وزيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية، وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة.
ويقول المدير الإقليمي للشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه إن سورية "شهدت عدة صدمات متداخلة في عام 2023، من زلازل شباط/ فبراير وامتداد الصراع في الشرق الأوسط، وهو ما أدى إلى ضعف قدرتها على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية، خاصة مع الانخفاض في تدفقات المساعدات وصعوبة الوصول إلى المساعدات الإنسانية وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية".
وتوقع التقرير "استمرار الانكماش الاقتصادي الذي طال أمده في عام 2024"، مرجحاً أن "ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% في عام 2024، إلى جانب استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية". كما توقع "أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً، وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي".
واعتبر التقرير أن "التحويلات المالية التي يرسلها اللاجئون السوريون إلى ذويهم تمثل شريان حياة بالغ الأهمية للأسر السورية، خاصة مع دخول شرائح جديدة من المجتمع إلى معدلات الفقر المدقع". وفي الأرقام، يشير التقرير إلى "تقديرات بتضخم أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 93%، بسبب تراجع الدعم الحكومي، وتراجع المساعدات الخارجية بعد انتعاشها نسبيا في أعقاب زلزال فبراير/شباط 2023".
من جهة أخرى، يرى التقرير أن مخدر "الكبتاغون" ربما أصبح القطاع الأكثر قيمة في الاقتصاد السوري، بعد أن أصبحت سورية منتجا ومصدرا رئيسيا له، وبات الأكثر شعبية في الشرق الأوسط وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي. ويقدر التقرير السنوي قيمة الكبتاغون المنتج في سورية بنحو 5.6 مليارات دولار أميركي بين عامي 2020 و2023، أي بمعدل نحو 1.8 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل تقريباً ضعف الإيرادات الناتجة عن جميع الصادرات السورية المشروعة في عام 2023.
من جانبه، قال الصحافي الاقتصادي السوري فؤاد عبد العزيز لـ"العربي الجديد"، إن حالة التردي الاقتصادي في سورية منذ عام 2011، وخاصة مناطق سيطرة النظام السوري، تتعمق كل عام نتيجة مجموعة من الأسباب الموضوعية، وفي مقدمتها تراجع الإنتاج، وكل مصادر توليد الدخل، وتهدم معظم البنى التحتية، والإنفاق العسكري خلال السنوات الماضية على حساب التوظيفات الاقتصادية.
وأضاف أن التضخم وصل إلى معدلات قياسية ربما تزيد عن 140 بالمائة، فيما فقدت العملة المحلية (الليرة) معظم قيمتها خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي بدت فيه الحلول الحكومية عقيمة، حيث تعتمد فقط على محاولة رفع الرواتب، بينما تراجع الليرة كان أسرع بكثير من قدرة الحكومة على رفع الرواتب، في ظل التوقف شبه الكلي لعجلة الإنتاج، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، والفساد الحكومي، والقرارات غير الصائبة، مثل تجريم تداول الدولار، وفرض قيود غير منطقية على عمليات الاستيراد والتصدير، خاصة بالنسبة للسلع التي تساعد على تحريك العملية الإنتاجية.
وفي المقابل، فإن حكومة النظام تعتمد على الاستيراد من الخارج بشكل شبه كلي لتوفير المنتجات الأساسية المرتبطة بالاحتياجات الاجتماعية من سلع غذائية وغيرها، وهو ما يفاقم عجز الميزان التجاري.
وحول السبل المتاحة للخروج من هذه الحلقة العقيمة لحالة التردي الاقتصادي في سورية، رأى الباحث الاقتصادي منير عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "النظام عادة ما يلجأ إلى الحلول السهلة التي توفر له موارد وقتية يحتاجها، مثل بيع أو تأجير البنى التحتية من موانئ ومناجم على شكل استثمارات لكل من روسيا وإيران كجزء من تسديد الديون الخارجية المترتبة عليه لهذين البلدين، نتيجة مساعدتهما له خلال الحرب، سواء بالسلاح بالنسبة لروسيا، أم بالنفط بالنسبة لإيران، بينما لا يستطيع النظام الوصول إلى مناطق إنتاج النفط في شرقي البلاد والواقعة تحت سيطرة قوات "قسد" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة". وما يفاقم هذا الوضع، يضيف عبد الكريم، "العقوبات الغربية المفروضة على النظام، وخاصة الأميركية المنبثقة عن قانون قيصر".
ورأى عبد الكريم أن "الظروف الحالية التي يعيشها النظام لن تمكنه من تحريك العجلة الاقتصادية والخروج من حالة التردي الاقتصادي في سورية وهو يراهن على تلقي مساعدات خارجية، سواء من جانب الأمم المتحدة عبر ما سمي بمشاريع (التعافي المبكر) أم من جانب بعض الدول العربية التي يتطلع لأن تقوم باستثمارات كبيرة في مشاريع البنية التحتية المهدمة أو المتآكلة". وأضاف أن "هذه التوقعات تبقى مرتبطة بالتوافقات السياسية، والاستجابة المنتظرة من جانب النظام للمبادرات العربية التي وعلى غرار الموقف الدولي، تربط الانفتاح الاقتصادي على النظام بمدى استجابة الأخير للحلول السياسية للأزمة السورية".
ويقول المدير الإقليمي للشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه إن سورية "شهدت عدة صدمات متداخلة في عام 2023، من زلازل شباط/ فبراير وامتداد الصراع في الشرق الأوسط، وهو ما أدى إلى ضعف قدرتها على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية، خاصة مع الانخفاض في تدفقات المساعدات وصعوبة الوصول إلى المساعدات الإنسانية وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية".
وتوقع التقرير "استمرار الانكماش الاقتصادي الذي طال أمده في عام 2024"، مرجحاً أن "ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% في عام 2024، إلى جانب استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية". كما توقع "أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً، وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي".
واعتبر التقرير أن "التحويلات المالية التي يرسلها اللاجئون السوريون إلى ذويهم تمثل شريان حياة بالغ الأهمية للأسر السورية، خاصة مع دخول شرائح جديدة من المجتمع إلى معدلات الفقر المدقع". وفي الأرقام، يشير التقرير إلى "تقديرات بتضخم أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 93%، بسبب تراجع الدعم الحكومي، وتراجع المساعدات الخارجية بعد انتعاشها نسبيا في أعقاب زلزال فبراير/شباط 2023".
من جهة أخرى، يرى التقرير أن مخدر "الكبتاغون" ربما أصبح القطاع الأكثر قيمة في الاقتصاد السوري، بعد أن أصبحت سورية منتجا ومصدرا رئيسيا له، وبات الأكثر شعبية في الشرق الأوسط وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي. ويقدر التقرير السنوي قيمة الكبتاغون المنتج في سورية بنحو 5.6 مليارات دولار أميركي بين عامي 2020 و2023، أي بمعدل نحو 1.8 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل تقريباً ضعف الإيرادات الناتجة عن جميع الصادرات السورية المشروعة في عام 2023.
أسباب التردي الاقتصادي في سورية
من جانبه، قال الصحافي الاقتصادي السوري فؤاد عبد العزيز لـ"العربي الجديد"، إن حالة التردي الاقتصادي في سورية منذ عام 2011، وخاصة مناطق سيطرة النظام السوري، تتعمق كل عام نتيجة مجموعة من الأسباب الموضوعية، وفي مقدمتها تراجع الإنتاج، وكل مصادر توليد الدخل، وتهدم معظم البنى التحتية، والإنفاق العسكري خلال السنوات الماضية على حساب التوظيفات الاقتصادية.
وأضاف أن التضخم وصل إلى معدلات قياسية ربما تزيد عن 140 بالمائة، فيما فقدت العملة المحلية (الليرة) معظم قيمتها خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي بدت فيه الحلول الحكومية عقيمة، حيث تعتمد فقط على محاولة رفع الرواتب، بينما تراجع الليرة كان أسرع بكثير من قدرة الحكومة على رفع الرواتب، في ظل التوقف شبه الكلي لعجلة الإنتاج، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، والفساد الحكومي، والقرارات غير الصائبة، مثل تجريم تداول الدولار، وفرض قيود غير منطقية على عمليات الاستيراد والتصدير، خاصة بالنسبة للسلع التي تساعد على تحريك العملية الإنتاجية.
وفي المقابل، فإن حكومة النظام تعتمد على الاستيراد من الخارج بشكل شبه كلي لتوفير المنتجات الأساسية المرتبطة بالاحتياجات الاجتماعية من سلع غذائية وغيرها، وهو ما يفاقم عجز الميزان التجاري.
وحول السبل المتاحة للخروج من هذه الحلقة العقيمة لحالة التردي الاقتصادي في سورية، رأى الباحث الاقتصادي منير عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "النظام عادة ما يلجأ إلى الحلول السهلة التي توفر له موارد وقتية يحتاجها، مثل بيع أو تأجير البنى التحتية من موانئ ومناجم على شكل استثمارات لكل من روسيا وإيران كجزء من تسديد الديون الخارجية المترتبة عليه لهذين البلدين، نتيجة مساعدتهما له خلال الحرب، سواء بالسلاح بالنسبة لروسيا، أم بالنفط بالنسبة لإيران، بينما لا يستطيع النظام الوصول إلى مناطق إنتاج النفط في شرقي البلاد والواقعة تحت سيطرة قوات "قسد" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة". وما يفاقم هذا الوضع، يضيف عبد الكريم، "العقوبات الغربية المفروضة على النظام، وخاصة الأميركية المنبثقة عن قانون قيصر".
ورأى عبد الكريم أن "الظروف الحالية التي يعيشها النظام لن تمكنه من تحريك العجلة الاقتصادية والخروج من حالة التردي الاقتصادي في سورية وهو يراهن على تلقي مساعدات خارجية، سواء من جانب الأمم المتحدة عبر ما سمي بمشاريع (التعافي المبكر) أم من جانب بعض الدول العربية التي يتطلع لأن تقوم باستثمارات كبيرة في مشاريع البنية التحتية المهدمة أو المتآكلة". وأضاف أن "هذه التوقعات تبقى مرتبطة بالتوافقات السياسية، والاستجابة المنتظرة من جانب النظام للمبادرات العربية التي وعلى غرار الموقف الدولي، تربط الانفتاح الاقتصادي على النظام بمدى استجابة الأخير للحلول السياسية للأزمة السورية".