هل يفك تطبيق "قانون الجزر" عزلة قرقنة التونسية؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع helper
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
طباعة الموضوع
  • بادئ الموضوع
  • المشرف
كانت الشابة التونسية نوران (27 سنة) تنتظر الولادة في مطلع مايو/أيار الماضي، وعندما داهمتها آلام المخاض نُقلت إلى المستشفى الجهوي في جزيرة قرقنة، حيث كشفت الفحوص أنها مصابة بنزيف يستدعي تدخلاً جراحياً عاجلاً، وقد فقدت على أثر ذلك جنينها قبل أيام من ولادته.
بعد التدخلات الأولية للفريق الطبي في المستشفى الجهوي، تقرر نقل نوران إلى المستشفى الجامعي بمدينة صفاقس، التي تبعد عن قرقنة نحو 18 ميلاً بحرياً. يقول أحد أفراد عائلة نوران لـ"العربي الجديد" إن نقلها عبر العبارة التي يطلق عليها محلياً اسم "اللود"، والتي تؤمن الرحلات البحرية بين الجزيرة وصفاقس، كان شديد الصعوبة، فالمسافة بين الجزيرة واليابسة تستغرق نحو 75 دقيقة.
يضيف: "رغم مخاطر الرحلة على صحتها، لم يكن هناك حل آخر سوى أن تستقل سيارة الإسعاف لنقلها في الرحلة البحرية إلى مستشفى صفاقس، الذي وصلت إليه في وضع شديد الخطورة، وأُنقذت في الدقائق الحاسمة التي كانت فيها بين الحياة والموت".


وتعدّ نوران واحدة من مئات الحالات التي شهدتها جزيرة قرقنة، التي يشكو سكانها العزلة نتيجة صعوبة التنقل، إذ يعدّ "اللود" وسيلة النقل الوحيدة التي تربط الجزيرة بمحيطها.
ويعبر السكان عن غضبهم من تواصل حالة العزلة التي يعانون منها بسبب غياب وسائل التدخل في الحالات الطارئة، مطالبين بتوفير مروحيات ووسائل نقل عائمة سريعة لتسهيل الحركة بين الجزيرة واليابسة، كما جدد نشطاء في المجتمع المدني المطالبة بتطبيق "قانون الجزر" على منطقتهم.
ويتكوّن أرخبيل قرقنة من جزيرتين رئيسيتين مأهولتين و12 جزيرة صغيرة، ويقول الرئيس السابق لجمعية أطفال الجزر سهيل دحمان إن "قانون الجزر عرض على البرلمان قبل سنوات، وكاد أن يحظى بالمصادقة بعد أن أقره 102 نائب"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "المطالبات بإعادة النظر في مشروع القانون مستمرة، وهو ثمرة عمل منظمات مدنية في كل من جزيرتي قرقنة وجربة، وسيمكّن إقراره من المساعدة على فكّ عزلة الجزر، وتوفير الخدمات الأساسية للنقل والتدخل في الحالات الطارئة، ومن بينها توفير طائرة عمودية وسيارة إسعاف عائمة".
ويضيف دحمان: "وسائل النقل السريع يمكن أن تختصر المسافة من الأرخبيل إلى صفاقس من ساعة و15 دقيقة عبر اللود، إلى 15 دقيقة عبر الطائرة العمودية أو سيارة الإسعاف العائمة. أدت العزلة المفروضة على قرقنة إلى موجات هجرة نحو صفاقس، ما يهدد الدورة الاقتصادية والاجتماعية في الأرخبيل الذي يختص بميزات قد تجعل منه وجهة سياحية عالمية".
ويعتبر الصيد النشاط الاقتصادي الرئيسي في أرخبيل قرقنة، وهو يمارس على نطاق واسع وفقاً للتقاليد القديمة، إذ تضم الجزيرة ما يزيد عن ألفي قارب صيد، وهو ما يمثل نحو ثلثي أسطول الصيد في ولاية صفاقس كلها.


وتعد جزيرة قرقنة من بين المناطق التونسية التي تنشط فيها حركة الهجرة السرية باتجاه إيطاليا، إذ يستغل منظمو رحلات الهجرة اتساع رقعة الشواطئ لتسيير الرحلات في اتجاه الضفة الشمالية للبحر المتوسط.
ويقول الناشط المدني هشام الحاجي إن "تطبيق البنود الكاملة لقانون الجزر سيكون مهماً في الحد من تداعيات العزل الذي تعاني منه المنطقة، والذي يزعج أهلها الذين تحدد رحلات (اللود) نسق حركتهم اليومية". موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "قانون الجزر يشابه العرف الجاري على المستوى العالمي، والذي يوظف قاعدة التمييز الإيجابي لمنح سكان الجزر بعض الامتيازات، خاصة في معدلات الضرائب، حتى يعوض نسبياً كلفة العيش في الجزر، ويسهم في استقرار السكان فيها وعدم مغادرتها".
يضيف الحاجي: "اكتفت تونس بتطبيق جانب بسيط من قانون الجزر في فترة ما قبل الثورة، حين اتخذت السلطات قراراً يقضي بمجانية تنقل القاطنين في قرقنة إلى صفاقس، وتوفير طائرة عمودية للحالات العاجلة. بعد الثورة، عادت المطالبات بتطبيق قانون الجزر، وتشكلت تحركات جمعت منظمات وجمعيات مدنية من كل من جزيرتي قرقنة وجربة، واستندت إلى الضرورة التنموية لقاعدة التمييز الإيجابي التي نص عليها دستور 2014".
يتابع: "قانون الجزر يمكن أن يساهم في إعطاء نجاعة أكبر لسياسات التصدي للهجرة السرية، خاصة أن قرقنة تُستخدم نقطة عبور نحو الضفة الشمالية للمتوسط".


ويؤكد المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، أن "التنقل من جزيرة قرقنة وإليها لم يعد متاحاً لجميع المواطنين، إذ بات العبور يحتاج إلى ما يشبه التأشيرة الداخلية بسبب تضييقات أمنية تفرضها السلطات على المسافرين في إطار خطة للحد من الهجرة السرية، وأحياناً تفرض السلطات الأمنية قيوداً على قاصدي الجزيرة للحد من تدفق المهاجرين نحو السواحل الإيطالية انطلاقا من شواطئ الأرخبيل".

GettyImages-521354320.jpg
 
  • Google Adsense
    إعلانات Google